
إذا كان القانون الخاص هو قانون الأفراد فيما بينهم، فإن القانون العام هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم الدولة، وتحدد تكوين سلطاتها (التشريعية، التنفيذية، القضائية)، وتنظم علاقاتها بغيرها من الدول، وعلاقاتها بالأفراد باعتبارها صاحبة السيادة والسلطان. 🏛️
يكمن جوهر التمييز بينه وبين القانون الخاص في أن الدولة في مجال القانون العام لا تظهر كشخص عادي، بل تظهر بصفتها صاحبة السلطة العليا التي تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة. هذا المركز الخاص يمنحها امتيازات لا يتمتع بها الأفراد، كحقها في نزع الملكية للمنفعة العامة وفرض الضرائب.
فروع القانون العام الرئيسية
ينقسم القانون العام بدوره إلى عدة فروع أساسية، يمكن تقسيمها إلى قانون عام داخلي وقانون عام خارجي.
القانون العام الداخلي
وهو الذي يحكم العلاقات داخل الدولة الواحدة، وأهم فروعه:
- القانون الدستوري: هو القانون الأسمى في الدولة. فهو يحدد شكل الدولة (ملكية أم جمهورية)، ونظام الحكم فيها (رئاسي أم برلماني)، وينظم السلطات العامة ويوزع الاختصاصات بينها، والأهم من ذلك أنه يقرر الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين.
- القانون الإداري: هو قانون الإدارة العامة. ينظم هذا الفرع نشاط السلطة التنفيذية، وكيفية قيامها بوظائفها وإدارتها للمرافق العامة (كالتعليم والصحة والأمن). كما أنه يحدد وسائل رقابة الأفراد على أعمال الإدارة، وأشهرها رقابة القضاء الإداري الذي يختص بالنظر في دعاوى الإلغاء والتعويض ضد القرارات الإدارية.
- القانون المالي: هو القانون الذي ينظم مالية الدولة من حيث إيراداتها (مصادرها) ومصروفاتها (أوجه إنفاقها). ويشمل قانون الميزانية العامة، وقانون الضرائب الذي يحدد أنواع الضرائب وكيفية فرضها وتحصيلها، وقواعد إدارة ممتلكات الدولة.
- القانون الجنائي (أو قانون العقوبات): يحدد هذا القانون الأفعال التي تعتبر جرائم (سواء كانت جنايات أو جنحًا أو مخالفات)، والعقوبات المقررة لكل منها. وهو فرع من القانون العام لأن الدولة هي التي تحتكر حق العقاب باسم المجتمع بهدف حماية أمنه واستقراره.
القانون العام الخارجي
وهو المعروف باسم القانون الدولي العام، ومهمته تنظيم علاقات الدولة بغيرها من الدول والمنظمات الدولية. فهو يحكم مسائل مثل:
- إبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
- قواعد التمثيل الدبلوماسي والقنصلي.
- قواعد الحرب والسلم والحياد.
- فض النزاعات الدولية بالطرق السلمية.
خاتمة: قانون السلطة والضمانات
في جوهره، يقوم القانون العام على فكرة الموازنة بين طرفي معادلة صعبة: سلطة الدولة وامتيازاتها من جهة، وحقوق وحريات الأفراد من جهة أخرى. فهو يمنح الدولة الأدوات اللازمة لتحقيق المصلحة العامة، ولكنه في الوقت ذاته يضع على هذه السلطة قيودًا ويخضعها لمبدأ الشرعية، ليضمن ألا تتحول إلى أداة للاستبداد. وبهذا، يشكل القانون العام الإطار الذي تقوم عليه الدولة الحديثة، دولة القانون والمؤسسات.



